1 – المقصود بقانون التجارة الدولية :زادت أهمية التجارة الدولية ، وتعقدت مشاكلها ، بحيث أصبح الاهتمام بمحاولة البحث عن حلول لمشاكلها القانونية يشغل بال الباحثين والمشرعين فى مختلف الدول سواء على المستوى الوطنى أو على المستوى الدولى .وأصبح المجتمع التجارى الدولى ، تؤيده منظمات دولية وهيئات تجارية ، يسعى إلى خلق قواعد موحدة تحكم النشاط التجارى الدولى بغض النظر عن طبيعة النظام الاقتصادى الذى يسود فى دولة من الدول ، ودون اعتبار لطبيعة النظام القانونى الذى تتبعه هذه الدول ، فهى قواعد تنبع من العرف التجارى الدولى دون اعتبار للتقسيم السائد فى دول العالم إلى دول اشتراكية ودول رأسمالية ودول تطبق نظام القانون المشترك (1) (قانون العموم Common Law) أو دول تطبق القانون المدنى المشتق من القانون الرومانى (2) .على أن الحقيقة السابقة لا تصل بنا إلى حد القول أن قانون التجارة الدولية فى مختلف الدول يعتبر موحداً ، بل الأدق أن نقول أنه يعتبر متشابها (3) .وإذا كانت طبيعة التجارة الدولية هى التى أدت إلى تشابه النظم القانونية التى تحكمها فى مختلف دول العالم ، فإن هذا لا يغير من أن تطبيق قواعد قانون التجارة الدولية فى كل دولة منوط بقبول السلطات المختصة لها .ولا نجد لقانون التجارة الدولية تعريفاً ، خيراً من تعريف الأمانة العامة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة عند البحث فى إنشاء لجنة لتوحيد أحكام قانون التجارة الدولية سنة 1965 فهذا القانون هو " مجموعة القواعد التى تسرى على العلاقات التجارية المتعلقة بالقانون الخاص والتى تجرى بين دولتين أو أكثر " (4) ويشتمل قانون التجارة الدولية على مجموعة الاتفاقيات الدولية والعقود النموذجية والشروط العامة المبرمة فى مجال معين بالإضافة إلى العرف التجارى الدولى السائد فى علاقة تجارية معينة .2 – العلاقة بين القانون التجارى الوطنى وقانون التجارة الدولية :نلاحظ أن الفارق بين القانون التجارى الوطنى وقانون التجارة الدولية فى دول الاقتصاد المخطط ، أن القانون الأول يعتبر جزءاً من القانون الاقتصادى العام الذى تخضع له المؤسسات القائمة بالنشاط الاقتصادى والذى يقوم على إرادة المشرع الذى يضع قواعد قانونية عامة يخضع لها النشاط الاقتصادى بطريقة حاسمة ، أما قانون التجارة الدولية فإنه يستند على مبدأ سلطان إرادة المتعاقدين التى لا تكملها أحكام القانون التجارى الوطنى . ومن ثم فإنه إذا اختلفت طبيعة أحكام القانون التجارى الوطنى فى الدول الاشتراكية عنها فى الدول الرأسمالية ، فإن قواعد قانون التجارة الدولية تكاد تكون واحدة فى النظامين . ويؤكد هذا المبدأ استقلال القانون التجارى الوطنى عن قانون التجارة الدولية .وإذا كان كل من القانون التجارى الوطنى وقانون التجارة الدولية يتضمن قواعد موضوعية ، فإن القانون الوطنى يقتصر عمله على نطاق الدولة التى تصدر فيها بينما تجاوز أحكام قانون التجارة الدولية حدود الدول ليحكم العلاقات التى تنشأ فى إقليم أكثر من دولة (5) .ويختلف معيار الدولية بحسب نوع العلاقة التى تنظمها أحكام قانون التجارة الدولية ، لذلك تحدد الاتفاقيات الدولية عادة المقصود بدولية العلاقة التى تحكمها ، وقد يختلف تبعاً لذلك معيار الدولية من حالة إلى أخرى .3 – قانون التجارة الدولية والقانون الدولى الخاص :تهدف أحكام القانون الدولى الخاص الى وضع قاعدة أسناد عند تنازع القوانين التى تحكم علاقة معينة ، أما قانون التجارة الدولية فإنه يشتمل على مجموعة الاتفاقيات الدولية المبرمة فى مجال التجارة الدولية ، وعلى ذلك نرى أنه بينما يعنى القانون الدولى الخاص بتعيين القانون الوطنى الواجب التطبيق فى مجال تنازع القوانين على العلاقة القانونية موضوع النزاع ، فإن قانون التجارة الدولية يهدف إلى إيجاد قواعد موضوعية فى شأن هذه العلاقة تحل محل القواعد الوطنية وتقضى بالتالى على التنازع بينها (6) .4 – الهيئات المهتمة بتوحيد قانون التجارة الدولية :ان الطريق إلى توحيد قانون التجارة الدولية طويل وشاق ومع ذلك فقد قامت بعض الهيئات الدولية باتخاذ خطوات واسعة نحو إتمام هذا الهدف . وهذه الهيئات إما حكومية (7) أو غير حكومية .والهيئات الحكومية هى التى تتكون من عضوية حكومات بعض الدول ، ويمثلها مندوبون فيها ، وأهم هذه الهيئات لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة ومقرها فيينا والتى تعرف باسم UNCITRAL وسنعرض لها فيما بعد ، والمعهد الدولى لتوحيد القانون الخاص فى روما والمعروف باسم UNIDROIT وتلعب دوراً كبيراً فى توحيد القوانين الموضوعية لقانون التجارة الدولية (8) ، ومؤتمر لاهاى للقانون الدولى الخاص الذى يهدف إلى توحيد القواعد الوطنية لتنازع القوانين دون القواعد الموضوعية لقانون التجارة الدولية ، والمنظمة العالمية للملكية الذهنية WIPO .أما الهيئات غير الحكومية فهى التى تتكون من أعضاء لا يمثلون حكومات معينة وإنما يشتركون فيها بصفاتهم الشخصية من المتخصصين والمشتغلين بقانون التجارة الدولية وأهم هذه الهيئات غرفة التجارة الدولية بباريس ICC(9) ، واللجنة البحرية الدولية فى بروكسل IMC ، وتعمل على توحيد القانون البحرى على المستوى الدولى (10) .5 – لجنة قانون التجارة الدولية UNCITRAL :كان الأستاذ شميتوف Clive Schmitthoff من أوائل الداعين إلى أهمية وجود تنظيم فعال لتوحيد قانون التجارة الدولية وقد أبرز هذا المعنى فى الندوة التى نظمتها الجمعية الدولية للعلوم القانونية سنة 1962 فى لندن بتشجيع وتدعيم مالى من منظمة اليونسكو ، وقد اشترك أبرز أساتذة العالم من المتخصصين فى هذا المجال فى هذه الندوة ونشرت أعمالها والبحوث المقدمة فيها فى كتاب بعنوان مصادر قانون التجارة الدولية The Sources of The Law of International Trade, Edited by Schmitthoff, Stevens & Sons, London 1964. لذلك لم يكن غريبا ، عندما فكرت هيئة الأمم المتحدة فى تكوين لجنة لقانون التجارة الدولية ، سنة 1965 أن تدعو الأستاذ شميتوف لتستعين به فى وضع تقرير فى مجال توحيد قانون التجارة الدولية، وفى السنة التالية قدم هذا التقرير معتمداً على الدراسة العميقة التى أعدها الأستاذ المذكور ، وعرض التقرير لتطور قانون التجارة الدولية وأشار إلى النجاح المحدود للمحاولات المبكرة لتوحيد هذا القانون ، وقد أبرز التقرير أنه لا توجد هيئة من الهيئات المهتمة بتوحيد القانون تتمتع بقبول دولى وتمثل مصالح جميع الدول على اختلاف نظمها السياسية والاقتصادية وسواء كانت من الدول المتقدمة أو الدول النامية مما يبرر ضرورة وجود هيئة موحدة تدعو إلى التوحيد وتتمتع بقبول دولى وانتهى الاقتراح إلى إنشاء لجنة جديدة تسمى لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية United Nations Commission on international Trade Law.واجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة وأصدرت قراراً فى ديسمبر 1966 بإنشاء هذه اللجنة التى عرفت باسم اليونسيترال UNCITRAL وهى تسمية مأخوذة من الحروف الأولى لاسم اللجنة باللغة الانجليزية ، وضمت اللجنة عند تكوينها تسع وعشرين دولة كأعضاء فيها ، منها سبع دول أفريقية بينها مصر ، وخمس دول آسيوية وأربع دول من أوروبا الشرقية وخمس دول من أمريكا اللاتينية وثمان دول من غرب أوروبا ومن دول أخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية (11) .واقترح أن تكون مهمة اللجنة إعداد وترويج معاهدات أو اتفاقيات دولية جديدة ونماذج قوانين Model Laws وقوانين موحدة وتقنين ونشر الاصطلاحات والشروط والعادات والأعراف التجارية الدولية .وفى ربيع سنة 1968 عقدت اللجنة أول اجتماع لها فى نيويورك وأشار الأستاذ شميتوف فى هذا الاجتماع إلى أن الإنجاز العظيم الذى تم بإنشاء هذه اللجنة ، أنها أنشئت دون صعوبات تذكر بسبب طبيعة نشاطها باعتباره نشاطا فنيا غير سياسى من طبيعة قانونية . وكانت هذه هى فعلا البداية التى تشكل حجر الأساس للمشاركة فى أعمال هذه اللجنة على نطاق واسع من جميع الدول (12) .ويجوز للجنة أن تكون مجموعات عمل Working groups من عدد محدود من الأعضاء للقيام بإعداد مشروع اتفاقية أو تعديل اتفاقية أو لدراسة موضوع معين أو لوضع نموذج لقانون موحد أو لعقد موحد ثم يناقش هذا العمل بعد ذلك فى اللجنة . وقد اختارت اللجنة فى أول دورة لها سنة 1968عدة موضوعات تقوم بدراستها وهى : -البيع التجارى الدولى ، والتحكيم ، والنقل ، والتأمين والوفاء بالديون الدولية عن طريق الأوراق التجارية والاعتمادات المصرفية ، والملكية الذهنية ، وتحريم التفرقة بين الدول فى القوانين المتعلقة بالتجارة الدولية ، والتمثيل التجارى ، والتصديق على الوثائق فى مجال التجارة الدولية . وقررت اللجنة الأولوية للبيع التجارى الدولى ، وطرق الوفاء بالديون الدولية ، والتحكيم التجارى الدولى (13) .وقد أنجزت اللجنة حتى الآن عدداً لا بأس به من الاتفاقيات الدولية والقواعد النموذجية أهمها :1 – اتفاقية مدة التقادم فى البيع الدولى للبضائع فى نيويورك سنة 1974 ، والبروتوكول المعدل لاتفاقية مدة التقادم فى البيع الدولى للبضائع فى فيينا سنة 1980 .2 – اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحرى للبضائع لعام 1978 فى هامبورج وتعرف باسم قواعد هامبورج والتى ستدخل دور النفاذ فى أول نوفمبر سنة 1992 فيما يتعلق بالدول المنضمة إليها .3 – اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع فى فيينا سنة 1980 والتى دخلت دور النفاذ فى أول يناير سنة 1988 فيما يتعلق بالدول التى انضمت إليها .4 – النظر فى اتفاقية نيويورك سنة 1958 والتى لم تنبع عن عمل اللجنة والمتعلقة بالاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها وقد انضمت مصر إلى هذه الاتفاقية فى 9 مارس سنة 1959 .5 – القانون النموذجى للتحكيم التجارى الدولى فى يونيو 1985. وقد شكلت وزارة العدل المصرية لجنة لوضع مشروع قانون للتحكيم التجارى الدولى وضعت مشروعا تبنت فيه القانون النموذجى لليونسيترال ، ولم يصدر هذا القانون حتى الآن (14) .6 – اتفاقية الأمم المتحدة بشأن السفاتج ( الكمبيالات ) الدولية والسندات الإذنيه الدولية والتى أقرتها اللجنة فى اجتماعها فى فيينا بتاريخ 14 أغسطس 1987 .7 – الدليل القانونى لصياغة العقود الدولية لتشييد المنشآت الصناعية حسبما أقرته مجموعة العمل التى انعقدت فى نيويورك فى أبريل 1987 ، وقد أقرته اللجنة فى فيينا بتاريخ 14 أغسطس عام 1987 .6 – تقسيم الدراسة :تعتبر هذه الدراسة فى مجال قانون التجارة الدولية ونهدف منها ، إلى تعريف العقد التجارى الدولى الذى نخصص له الباب الأول فنعرض لبعض النقاط المتعلقة بهذا الموضوع فى فصل أول ، ثم نعرض فى فصل ثان لأهم صور عقود البيع الدولى وفقا لما استقر عليه العمل وطبقاً لقواعد غرفة التجارة الدولية وهى المسماة بالانكوترمز Incoterms . أما الباب الثانى فنكرسه لدراسة اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع " فيينا سنة 1980 " .
الصراعات والحروب التي نشبت بين دول العالم المختلفة منذ القديم، لم تقتصر مسبباتها على الأسباب السياسية فحسب وإنما كانت الخلفية الاقتصادية من الأسباب الرئيسة سواء كانت ظاهرة أو مستترة، ومن نتائج هذه الحروب توسعت مناطق نفوذ لدول معينة امتلكت القوة الاقتصادية والعسكرية، وتحولت دول أخرى من إمبراطوريات كبيرة إلى اقطاعات أو مستعمرات تابعة لإمبراطوريات كبرى.. ولم يكن تحقيق الانتصار أو الغلبة خلال تلك الحروب رهناً بالقوة العسكرية بل ترافق استخدام السلاح العسكري باستخدام السلاح الاقتصادي تحت مسميات عديدة مثل (حظر، حصار، عقوبات اقتصادية) الذي يعود استخدامه إلى ما قبل الميلاد، وتطور أسلوب الحرب الاقتصادية في العصر الحديث حيث استخدم أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية وما بينهما.. أما بعد الحرب العالمية الثانية فأصبح فرض العقوبات الاقتصادية يحتاج إلى موافقة جماعية دولية.. إذ إن المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالعقوبات تضمنت: "لمجلس الأمن أن يقرر أي الاجراءات التي لا تنطوي على استعمال القوة ينبغي استعمالها من أجل تنفيذ قرارته" وعرفت المواد اللاحقة الأحكام المتعلقة باستعمال القوة.. مما يعني إرساء لنمط الغموض في آلية استخدام الأمم الممتدة لنظام العقوبات، مما جعل دولاً معينة تنفرد بفرض عقوبات على دول أخرى بهدف إخضاعها لهيمنتها كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية اليوم . وتعددت أشكال العقوبات الاقتصادية على بعض الدول العربية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها دون قرار من مجلس الأمن ووفقاً لمشيئتها واتهاماتها المزعومة أو بمشاركة الأمم المتحدة.. وولدت هذه العقوبات آثاراً ضارة ووخيمة على الدول التي كانت هدفاً لها ففي السودان مثلاً شملت هذه العقوبات حظر الصادرات والواردات من السودان وإليها وتجميد الأرصدة والقروض وحظر أي انتقال للأشخاص والبضائع والناقلات من السودان وإليها ومن قبل أي شخص سوداني وظهرت في السودان آثار إنسانية سلبية نتيجة حظر نشاط الخطوط الجوية السودانية وتحديداً في مجال الصحة. كما انعكس حظر الطيران في مجالات التعليم والثقافة والرياضة والاقتصاد. أما ليبيا التي فرضت عليها العقوبات الأمريكية فعلياً في أوائل عام 1981.. وأقرت في عام 1986.. وتعززت بعد حادثة تفجير طائرة بان أمريكان فوق لوكربي عام 1988.. فترتب على ذلك خسائر اقتصادية فادحة بلغت أكثر من 26.5 مليار دولار تحملتها قطاعات النقل الجوي والصادرات الزراعية والإنتاج الحيواني وتقلص الصادرات غير النفطية وارتفاع تكاليف النقل. وحالت العقوبات دون إيفاد حوالي /17/ ألف حالة مرضية مستعصية يتعذر علاجها في المشافي والمراكز الصحية الوطنية ولكن بعد إذعان ليبيا و رضوخها للمطالب الأمريكية توقفت هذه العقوبات تدريجيا . وللولايات المتحدة الأمريكية أسلوبها الخاص في التعامل مع الدول فتضع دولاً على قائمة الإرهاب أو دعم الإرهاب فتحظر بموجب ذلك بعض أشكال التبادل الاقتصادي وتحظر الاستيراد أو التصدير لبلدان أخرى. وهناك مثال صارخ لعقوباتها فرض العقوبات على كوبا منذ قيام ثورتها عام 1959. أما العراق الذي خضع لعقوبات مفروضة من مجلس الأمن فحدّث ولا حرج، قد كانت نتائج فرض نظام العقوبات عملية مأساوية وأشبه بحرب إبادة جماعية استهدفت البيئة والأطفال والنساء والغذاء والصحة إضافة إلى دمار المنشآت وخراب الاقتصاد العراقي بفروعه المختلفة. إن التدمير الحربي للعراق الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا منتهكين ميثاق جنيف والأعراف الدولية أدى بصورة مباشرة إلى زيادات في معدلات السرطان والولادات المشوهة وانتشار مرض غير معروف ونفوق الماشية وتعريض معظمها للخطر وهذا ما أدى إلى مزيد من التدمير لزراعة العراق ووسائط توفير أسباب العيش الذاتية كما ترفض الولايات المتحدة السماح للعراق باستيراد مواد ضرورية لترميم بنيته التحتية مما يواصل إيذاء البيئة وإلحاق الضرر بها.. إن نظام العقوبات الاقتصادية للأمم المتحدة الراهن غير مقبول من الملايين في مختلف أرجاء العالم ، ومن غالبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة، إنه غير مقبول من ملايين الأمريكيين والبريطانيين والأوروبيين والأهم كثيراً من الشعوب العربية والإسلامية ومن مختلف شعوب العالم. إن حالة العراق هي أهم إخفاق واضح لهذه الأداة المشروعة أحياناً والمنصوص عنها في ميثاق الأمم المتحدة المادة (41) من الفصل السابع لفرض معايير في السلوك تتماشى مع متطلبات الميثاق نفسه. وإضافة إلى الدول العربية التي استهدفتها العقوبات الأمريكية والدولية هناك دول ما زالت تخضع لعقوبات دولية وأمريكية خصوصاً، وذلك على خلفية تصفية حسابات بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة أو على خلفيات أخرى. ومن تلك الدول: إيران وكوريا الشمالية وكوبا ما زالت موضوعة على قائمة الدول التي تدعم الإرهاب.كما نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة في العالم الأكثر استخداماً لسلاح العقوبات الاقتصادية ضد خصومها . لقد أصبح سلاح العقوبات اليوم يستخدم لتحقيق مصالح الدولة التي تستخدمه في المقام الأول لإجبار الدول على الالتزام بنمط سلوكي معين يستجيب لمطالب تلك الدولة وتبرز في هذا السياق الولايات المتحدة الأمريكية التي يأتي إصراها في فرض الحصارات تجسيداً لسياساتها في فرض الهيمنة على الدول والشعوب التي لا توافق على التبعية لها وتستعمل عقوبات الأمم المتحدة التي تتحول في بعض الأحيان إلى أداة للسياسة الخارجية الأمريكية. على الجانب الآخر نجد أن الكيان الصهيوني الذي يمارس العدوان والاحتلال، ويخرق المواثيق والأعراف الدولية بصورة دائمة، ويضرب عرض الحائط بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومعاهدة جنيف لعام 1949 في التعامل مع السكان في الأراضي المحتلة، لم يتعرض قط لمثل هذه العقوبات الدولية، وكان طوال كل تلك السنوات التي مرت منذ قيامه على حساب الأراضي العربية الفلسطينية، وتشريد الشعب الفلسطيني خارج نطاق العقوبات، ولم يفرض عليه أي حصار أو مقاطعة دولية والسبب واضح وهو وقوف الولايات المتحدة الأمريكية في وجه أية محاولة لمعاقبته من قبل المؤسسات الدولية على ما يرتكبه من إرهاب ومس بحقوق الإنسان منذ قيام هذا الكيان. والأشد مضاضة ومرارة في هذا الوضع أن العقوبات الدولية من حصار أو مقاطعة اقتصادية أو سياسية لم تطبق بحق إسرائيل ليس نتيجة هذه الحماية التي تسبغها عليها الدول الاستعمارية الغربية المهيمنة في العالم والخلل في موازين القوى الاقليمية والدولية والكيل بمكيالين في المعايير الدولية الحالية فقط، بل إن إسرائيل نفسها التي تقترف الجرائم بحق الإنسانية وتدوس على الاعراف والمواثيق الدولية تمارس الحصار الإجرامي والعقوبات الجماعية و بناء الجدار. والخنق الاقتصادي ضد العرب في الأرض الفلسطينية المحتلة وقد تجلى ذلك بشكل صارخ في الفترة الأخيرة مع تفجر انتفاضة الأقصى الشريف و ازدادت مع فوز حماس في المجلس التشريعي و تسلمها السلطة في فلسطين . و بالتالي يكون هذا البحث ذو أهمية فلا شك ان فرض العقوبات على أي دولة من خلال الامم المتحدة و خاصة مجلس الامن بين الحين و الآخر ، دفعنا للقيام لهذه الدراسة المتواضعة لهذه القضية الحساسة . و إذا كنا قد اخترنا هذا الوقت ايار مايو 2006 فذلك بسبب : 1. تلويح العقوبات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية بسبب الملف النووي . 2. تلويح العقوبات على الجمهورية العربية السورية . 3. الظلم الذي يظلل العالم من خلال الولايات المتحدة تحت الشرعية الدولية . 4. ان هذا الموضوع لم يعد بالإمكان حصر تبعاته و نتائجه في حال التمادي بتنفيذه . كما نسعى من خلال هذا البحث إلى الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المرتبطة بالموضوع وهي: 1. ما هي الجزاءات في القانون الدولي و القانون الإنساني يقدم الفصل الأول شرحا لهذه الجزاءات 2. ما هي العقوبات التي تفرضها الامم المتحدة ضد الأعضاء المخالفين ؟ ويقدم المبحث الأول من الفصل الثاني الإجابة على هذا السؤال المبدئي . 3. هل أصبحت الامم المتحدة اداة للنظام العالمي الجديد ؟ و تجيب المبحث الثاني من الفصل الثاني على هذا السؤال . أما الفصل الثالث فيتوجه ليكون دراسة تحليلية عن كيفية تتابع القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن من بعد احتلال العراق للكويت و كيفية تضعيف العراق لاحتلاله من قبل الولايات المتحدة و حلفائها. إن هدف أي دراسة هي الكشف عن الحقيقة ، و بما أن مسألة الشرعية الدولية و القرارات الصادرة عنها هي الشغل الشاغل في العالم ، و أصبح هناك التباس في قيام أي بلد بتطبيق هذه القرارات ، إذا كانت الامم المتحدة قد أصبحت طرفا أو اداة بيد خصم ما . لذا فقد هدفت الدراسة إلى تحقيق ما يلي : 1. إظهار حدود العقوبات في الامم المتحدة . 2. إظهار مدى تطابق هذه العقوبات مع مصالح النظام العالمي الجديد . كما تفرض طبيعة الموضوع القانونية و السياسية حول العقوبات في القانون الدولي والقرارات الدولية على العراق منهجاً محايداً للدراسة نستعين فيه بالوثائق والقرارات التي نشرت في مجلس الامن ، ومن ناحية أخرى كان للتاريخ دوره في إضفاء طابع الدارسة المبني على عرض متسلسل للأحداث التي أدت الاحتلال وكان الاستقراء يتم في هذه الدارسة. أما الاستنباط فهو الركيزة الثانية للمنهج العلمي والذي استخدمته للوصول إلى النتائج المنطقية دون تحيز أو انحياز و بواقعية أيضا . الفصل الأول : الجزاءات في القانون الدولي و القانون الدولي الإنساني والحصار قبل حوالي خمسة قرون من الزمن قال الفقيه الإسباني "ده فيتوريا" في واحد من كتبه "في القضايا الهامة لا يسمح لمملكة – أي لدولة أن ترفض الانصياع لأحكام القانون الدولي، وإذا فعلت ذلك يجب أن تصطدم بسلطة العالم أجمع"! إن ما شكا منه "ده فيتوريا" قبل خمسة قرون لا يزال قائماً حتى اليوم، إذ طرح في مقولته هذه مشكلة "الجزاء" في القانون الدولي. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن كلمة "جزاء Sanction " أوسع من كلمة "عقوبات" وأعم منها، إذ إن الجزاء يشمل "كل إجراء تكون غايته الحض على تطبيق قاعدة قانونية معينة، أو قمع عدم تطبيقها"، ويتساوى في ذلك الإجراءات الزجرية وغير الزجرية من سياسية واقتصادية ودبلوماسية... - والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو التالي: أليس هناك من جزاءات يمكن إيقاعها بحق من ينتهك قواعد القانون الدولي،سواء أكانت هذه الجزاءات من قبيل العقوبات "الجزاءات الزجرية"،أم من قبيل الإجراءات الأخرى، مثل الإجراءات الانضباطية والدبلوماسية والاقتصادية..؟ للإجابة عن هذا السؤال يمكننا القول، وبشكل مبدئي، إن هناك عدة أنواع من التدابير والجزاءات الرادعة يمكن اتخاذها بحق الدولة أو الدول التي تخالف قواعد القانون الدولي وهذه الجزاءات يمكن اتخاذها من قبل الدول المتضررة، أو من قبل عدة دول معاً، أو من قبل المحاكم ومجالس التحكيم الدولية، ووكالاتها المتخصصة.
Train msg
الرافع للمؤمنين بالنصر والاعزاز ورافع الابرار الى اعلى الدرجات ، يرفع من تولاه الى افق المقربين ، كما يخفض من عصاه الى اسفل سافلين 0
اللهم يا " رافع " ارفع شأننا فى قومنا نحن المستضعفين ، واللهم يا " ر افع " انصر المظلومين على اعدائك و اعدائهم 0
قطار المستضعفين
أرشيف المدونة الإلكترونية
قائمة المدونات الإلكترونية
الحدث
- مقاطع فيديو لاهم الاحداث التاريخيه
12 السوق التجارى القديم - نويبع - جنوب سيناء
مكتب قطار العداله
للمحاماه ، التوفيق ، التحكيم
داليا الشاذلى ، محمود البحيرى
المحاميان بالاستئناف العالى ، مجلس الدوله
تخصص منازعات فندقيه وشركات " عماليه ، مدنيه ، جنائيه ، بيئيه ، 000000تأسيس شركات ، شهر عقارى ، تراخيص " خبراء انتخابات و نقبل جميع النازعات التحكيميه
بحث هذه المدونة الإلكترونية