الأسباب الموجبة لإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة المتهم
من التهمة المنسوبة إليه فى قضاء محكمة النقض
من إستقراء أحكام محكمة النقض يمكننا إستنباط عدة أسباب إذا توافر أحدهما وجب إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ، وهذه الأسباب خمسة هى :-
السبب الأول :
أن تكون الواقعة التى حوكم من أجلها المتهم وأثبتها الحكم المطعون فيه غير مجرمه ، وتكون الواقعة غير مجرمة فى حالتين :
الأولى : ألا يوجد نص عقابى ينطبق على هذه الواقعة ،أى أنها تكون خاضعة لنص تجريم على الإطلاق ، لا فى قانون العقوبات ولا فى أى قانون عقابى آخر.
الأساس القانونى للبراءة فى هذه الحالة :
وتؤسس البراءة فى هذه الحالة على النصوص القانونية الآتية :
1-نص المادة 66 من الدستور على أنه " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى ولا عقاب إلا على الأفعال الاحقة لتاريخ نفاذ القانون ".
2-نص المادة 187 من الدستور على أن : " لا تسرى أحكام القوانيت إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها......."
3- نص المادة الخامسة من قانون العقوبات على أن :" يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت إرتكابها........"
الثانية : والحالة الثانية التى تكون فيها الواقعة غير مجرمة ، إذا كانت الواقعة بالفعل تخضع لنص تجريم حال إرتكابها ، إلا أنه بعد إرتكابها وقبل صدور حكم نهائى فيها حدث أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بعدم دستورية نص التجريم الذى كانت تخضع له هذه الواقعة ، ففى هذه الحالة يجب كذلك على المحكمة ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه.
الأساس القانونى للبراءة فى هذه الحالة :
وتؤسس المحكمة حكمها بالبراءة فى هذه الحالة على نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا ، الذى جرى على أن : " أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدعوى والمكافة ، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالأدلة إستنادا إلى ذلك النص كأن لم نكن......."، فهذا النص ينشئ وضعا أصلح للمتهم وذلك فى حكم نص المادة الخامسة من قانون العقوبات ( الفقرة الثانية ) ".....ومع ذلك إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذى يتبع دون غيره...."
السبب الثانى :أن يوجد سبب من أسباب إنقضاء الدعوى الجنائية وأهمها ثبوت صلح المتهم مع الكجنى عليه أووكيله الخاص وذلك حسبما تنص عليه المادة 18 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية التى تعتبر الأساس القانونى للبراءة فى هذه الحالة ، حيث يترتب على الصلح إنقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر ، وهذه أسباب أخرى لإنقضاء الدعوى الجنائية خلاف الصلح ، وفيما يلى نتكلم بالتفصيل على أسباب إنقضاء الدعوى الجنائية .
أسباب إنقضاء الدعوى الجنائية :
توجد أسباب عامة وأسباب خاصة لإنقضاء الدعوى الجنائية :
1- الوفاة 2- التقادم 3- الحكم البات 4- العفو الشامل
(1) الوفاة
- نصت المادة 14 من قانون الإجراءات القانونية على وفاة المتهم كسبب لإنقضاء الدعوى الجنائية فقررت أن تنقضى الدعوى الجنائية بوفاة المتهم ، ولا يمنع ذلك من الحكم بالمصادرة فى الحالة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات ، إذا حدثت الوفاة أثناء نظر الدعوى ، كما أشارت المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية إلى الوفاة كسبب عام لإنقضاء الدعوى الجنائية ، والوفاة تعتير سببا شخصيا لإنقضاء الدعوى الجنائية كما أنها لا تؤثر على الدعوى المدنية المرفوعة معها ، ونوضح ذلك فيما يلى :
(1) اوفاة سبب شخصى لإنقضاء الدعوى الجنائية وذلك مؤداه أنه إذا تعد المساهمون فى الجريمة ومات أحدهم إنقضت الدعوى بالنسبة له فقط ، بينما تظل قائمة ضد سائر المتهمين إ إلا أنه يرد على هذا الأصل إستثناء خاص بجريمة الزنا ، فالعدى الجنائية تنقضى بالنسبة لطرفى الجريمة رغم وفاة أحدهما .
(2) تأثير الوفاة على الدعوى المدنية ، نصت المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية على أن : " وإذا إنقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها ....."ووفقا لذلك أن المتهم إذا توفى أثناء سير الدعوى الجنائية وكانت الدعوى المدنية منظورة معها أمام المحكمة الجنائية ، فإن الدعوى الجنائية قبل المتهم تنقضى ولكن الدعوى المدنية تستمر ضد ورثته أمام هذه المحكمة حيث يخلفه ورثته فيها ، أما إذا توفى المتهم أن ترفع الدعوى ، لم تجز إقامة الدعوى المدنية إلا أمام القضاء المدنى.
(2) التقادم
السند القانونى للتقادم كسبب لإنقضاء الدعوى الجنائية هو نص المادة 15 إجراءات جنائية التى نصت على أن : تنقضى الدعوى الجنائية فى مواد الجنايات بمقتضى عشر سنين من يوم وقوع الجريمة ، وفى مواد الجنح بمضى ثلاث سنين ، وفى مواد المخالفات بمضى سنة ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
إستبعاد بعض الدعاوى من تأثير التقادم :
إذا كان الأصل العام هو أن جميع الدعاوى الجنائية تنقضى بمضى المدة ، إلا أن المشرع قد يستثنى جرائم معينة من تأثير التقادم لإعتبارات يرى رجحانها على العلة التى يستند إليها نظام التقادم ، ومن الجرائم التى إستبعدها المشرع من نظام التقادم ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية التى قررت أنه فى " الجرائم المنصوص عليها فى المواد 282،127،126،117،309 مكررا،309 مكررا (أ) من قانون العقوبات والتى تقع بعد تاريخ العمل بهذا القانون فلا تنقضى الدعوى الجنائية الناشئة عنها بمضى المدة " ، وكذلك يستثنى من نظام التقادم ما نصت عليه المادة 57 من الدستور بقولها " كل إعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية وال المدينة الناشئة عنها بالتقادم "
أحكام نقادم الدعوى الجنائية من النظام العام :
ولذلك لا يجوز التنازل عن الدفع بالتقادم ، ويجوز إثارته فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض وذلك بشرط ان تكون مدونات الحكم المطعون فيه شاهدة بصحة الدفع ، ويجوز للقضاء من تلقاء نفسه ان يقرر إنقضاء الدعوى بالتقادم .
طبيعة الحكم بالتقادم
بشان تحديد طبيعة الحكم الجنائى الصادر بتقادم الدعوى الجنائية تقرر أمرين :
الأول : أن الحكم بالتقادم يعتبر من الأحكام الصادرة فى موضوع الدعوى الجنائية ، وذلك لأن يستند إلى إنقضاء سلطة الدولة فى العقاب ، وهو أمر ينبنى على تطبيقات قاعدة من قواعد قانون العقوبات
والثانى : أن الحكم بالتقادم إنما هو فى حقيقته حكم بالبراءة
(3) الحكم البات
نصت المادتان 455،454 من قانون الإجراءات الجنائية على قوة الحكم البات كسبب لإنقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائى فيها بالبراءة أو بالإدانة ، وإذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة فى القانون ، هذا وقد نصت المادة 455 على أنه : لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائيا بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة ، أو بناء على تغيير الوصف القانونى للجريمة ، ويقتضى الإعتراف بقوة الحكم البات فى إنهاء الدعوى الجنائية إمتناع السير فى إجراءاتها إذا ما صدر حكم حائز هذه الحجة أو القوة ، ويعنى ذلك إفتراض صحة الحكم فى كل ما قرره فلا يجوز أن يوضع جزء منه موضع الشك ، ولا يقبل النعى عليه بأى عيب كان ويظل هكذا قائما حتى ولو ثبت - فى صورة قاطعة – خطأ الحكم فيما ذهب إليه ، فإفتراض صحة الحكم غير قابل لإثبات العكسى.
محل القوة أو الجزء الذى يجوز قوة الشيئ المقضى فى الحكم الجنائى :
إن محل قوة الأمر المقضى هو منطوق الحكم وليس أسبابه ، ويراد بمنطوق الحكم قرارة الفاصل فيما ثار من نزاع
الأحكام التى تجوز إنهاء الدعوى الجنائية :
لا يجوز قوة إنهاء الدعوى الجنائية سوى الأجكام الفاصلة فى الدعوى الجنائية ، وبشرط أن يكون الحكم الفاصل فى الموضوع حكما باتا
فمتى يكون الحكم فاصلا فى الموضوع ومتى يكون باتا ؟
نوضح ذلك فيما يلى :
(1) الحكم الفاصل فى الموضوع :
فى المجال الجنائى يكون الحكم الفاصل فى الموضوع هو الحكم الذى طبق القاضى فيه القواعد القانونية الموضوعية على اصل النزاع أى أنه طبق قواعد قانون العقوبات أو القوانين المكملة له على الفعل المسند إلى المتهم ليحدد تكييفه القانونى من ناحية ويفصل فى حق الدولة فى العقاب من ناحية أخرى فيقضى بالبراءة او بالإدانة ، وعلى ذلك فإن ما يميز الحكم الفاصل فى موضوع الدعوى الجنائية هو أنه حكم إما صادر بالبراءة أو بالإدانة فقط ، ومعنى ما تقدم ان الحكم الجنائى الذى يقرر منطوقه براءة المتهم أو إدانته يكون بالضرورة حكما فاصلا فى الموضوع ، أما الحكم غير الفاصل فى الموضوع فهو الحكم الذى يطبق قواعد قانونية إجرائية على مشكلة إثارتها إجراءات الدعوى الجنائية ، مثل قواعد الإختصاص والقبول وعلى ذلك يكون من قبيل الأحكام غير الفاصلة فى موضوع الدعوى الجنائية الأحكام التالية :
1-الأحكام الصادرة بعدم قبول الدعوى
2-الأحكام الصادرة بعدم الإختصاص
3-الأحكام التمهيدية أو التحضيرية أو الوقتية
4-الأحكام الصادرة فى الدفوع الفرعية
ويستحق الذكر أن الأصل غير الفاصل فى موضوع الدعوى لا يخرج الدعوى من حوزة القضاء الذى رفعت إليه ، بل إنه يعدها للفصل فى موضوعها ولكن بعض هذه الأحكام بخرج الدعوى من حوزة القضاء ومثل ذلك الحكم لعدم الإختصاص او عدم القبول
(2) الحكم البات :
الحكم البات هو الحكم الذى لا يقبل الطعن بطريق عادى أو غير عادى ، عدا طلب إعادة النظر بمعنى أنه لا يقبل الطعن بالمعارضة او الإستئناف أو النقض
شروط الدفع بقوة الحكم البات فى إنهاء الدعوى الجنائية ( أو شروط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ) يشترط توافر ثلاثة شروط هى :
(1) وحدة أطراف الدعوى
(2) وحدة الموضوع
(3) وحدة السبب
وفى تحديد شروط صحة الدفع بعدم جواز نظر الدعوى قضت محكمة النقض بأن )نص المادة 454 من قانون الإجراءات – على ما إستقرت عليه أحكام محكمة النقض – أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشيئ المحكوم فيه فى المسائل الجنائية بما يتعين معه الإمتناع من نظر الدعوى :-
أولا : أن يكون هناك حكم نهائى سبق صدوره فى محاكمة جنائية معينة ، وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمات التالية التى يراد التمسك فيها بهذا الدفع إتحادا فى الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين
ثانيا : أن يكون هناك الحكم صادرا فى موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو البراءة ورفض توقيعها – أما إذا صدر الحكم فى مسألة غير فاصلة فى الموضوع فإنه لا يجوز حجية السشئ المقضى ، ومن بين ذلك الأحكام التى تخرج الدعوى من حوزة المحكمة بغير أن تفصل فى النزاع كلاحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، ولما كانت الدعويان الحالية والمضمونة وإذا إتحدتا فى السبب والموضوع والأشخاص ، إلا أنه نظرا لأن الدعوى الأخيرة صدر الحكم فيها بعدم جوازنظرها لسابقة فيها بالحكم فيها بالحكم الإيتدائى الصادر فى الدعوى المنظورة ، مما لا يعتبر قضاء فى موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة يجوز حجية الشيئ المحكوم فيه وتنقضى به الدعوى الجنائية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقصه والإحالة " ، ولقد حددت محكمة النقض متى يمكن القول بوحدة الموضوع فى الدعويين وكذا وحدة السبب ووحدة الأشخاص وقررت أن ".... ووحدة الموضوع تتوافر فى كل القضايا الجنائية لأن الموضوع فى كل قضية جنائية هو ( طلب عقاب المتهم أو المتهمين المقدمين للمحاكمة ) أما إتحاد السبب فيكفى فيه فيه أن يكون بين القضيتين إرتباط لا يقبل التجزئة برغم إختلاف الواقعة فى كل منهما ، كأن تكون القضية المنظورة فى دعوى إرتكاب تزوير مخالصة ، وتكون القضية الصادر فيها الحكم المقول بأنه حائز لقوة الشيئ المقضى فيه دعوى الشهادة زورا على صحة هذه المخالصة ويكون هذا الحكم المراد الإحتجاج به قد برأ الشاهد تأسيسا على إقتناع المحكمة بأن المخالصة صحيحة لا تزوير فيها ، مما يجعل القول بعد ذلك بتزوير المخالصة متناقضا مع حكم البراءة الإنتهائى السابق ، وأما وحدة الاشخاص فتكون موفورة فيما يتلق بالمتهمين متى ثبت أن أحدهم سواءأكان فاعلا أصليا أم شريكا كان مائلا فى القضية التى صدر فيها الحكم النهائى بالبراءة مثلا.
من التهمة المنسوبة إليه فى قضاء محكمة النقض
من إستقراء أحكام محكمة النقض يمكننا إستنباط عدة أسباب إذا توافر أحدهما وجب إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ، وهذه الأسباب خمسة هى :-
السبب الأول :
أن تكون الواقعة التى حوكم من أجلها المتهم وأثبتها الحكم المطعون فيه غير مجرمه ، وتكون الواقعة غير مجرمة فى حالتين :
الأولى : ألا يوجد نص عقابى ينطبق على هذه الواقعة ،أى أنها تكون خاضعة لنص تجريم على الإطلاق ، لا فى قانون العقوبات ولا فى أى قانون عقابى آخر.
الأساس القانونى للبراءة فى هذه الحالة :
وتؤسس البراءة فى هذه الحالة على النصوص القانونية الآتية :
1-نص المادة 66 من الدستور على أنه " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى ولا عقاب إلا على الأفعال الاحقة لتاريخ نفاذ القانون ".
2-نص المادة 187 من الدستور على أن : " لا تسرى أحكام القوانيت إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها......."
3- نص المادة الخامسة من قانون العقوبات على أن :" يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت إرتكابها........"
الثانية : والحالة الثانية التى تكون فيها الواقعة غير مجرمة ، إذا كانت الواقعة بالفعل تخضع لنص تجريم حال إرتكابها ، إلا أنه بعد إرتكابها وقبل صدور حكم نهائى فيها حدث أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بعدم دستورية نص التجريم الذى كانت تخضع له هذه الواقعة ، ففى هذه الحالة يجب كذلك على المحكمة ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه.
الأساس القانونى للبراءة فى هذه الحالة :
وتؤسس المحكمة حكمها بالبراءة فى هذه الحالة على نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا ، الذى جرى على أن : " أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدعوى والمكافة ، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالأدلة إستنادا إلى ذلك النص كأن لم نكن......."، فهذا النص ينشئ وضعا أصلح للمتهم وذلك فى حكم نص المادة الخامسة من قانون العقوبات ( الفقرة الثانية ) ".....ومع ذلك إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذى يتبع دون غيره...."
السبب الثانى :أن يوجد سبب من أسباب إنقضاء الدعوى الجنائية وأهمها ثبوت صلح المتهم مع الكجنى عليه أووكيله الخاص وذلك حسبما تنص عليه المادة 18 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية التى تعتبر الأساس القانونى للبراءة فى هذه الحالة ، حيث يترتب على الصلح إنقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الإدعاء المباشر ، وهذه أسباب أخرى لإنقضاء الدعوى الجنائية خلاف الصلح ، وفيما يلى نتكلم بالتفصيل على أسباب إنقضاء الدعوى الجنائية .
أسباب إنقضاء الدعوى الجنائية :
توجد أسباب عامة وأسباب خاصة لإنقضاء الدعوى الجنائية :
1- الوفاة 2- التقادم 3- الحكم البات 4- العفو الشامل
(1) الوفاة
- نصت المادة 14 من قانون الإجراءات القانونية على وفاة المتهم كسبب لإنقضاء الدعوى الجنائية فقررت أن تنقضى الدعوى الجنائية بوفاة المتهم ، ولا يمنع ذلك من الحكم بالمصادرة فى الحالة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات ، إذا حدثت الوفاة أثناء نظر الدعوى ، كما أشارت المادة 535 من قانون الإجراءات الجنائية إلى الوفاة كسبب عام لإنقضاء الدعوى الجنائية ، والوفاة تعتير سببا شخصيا لإنقضاء الدعوى الجنائية كما أنها لا تؤثر على الدعوى المدنية المرفوعة معها ، ونوضح ذلك فيما يلى :
(1) اوفاة سبب شخصى لإنقضاء الدعوى الجنائية وذلك مؤداه أنه إذا تعد المساهمون فى الجريمة ومات أحدهم إنقضت الدعوى بالنسبة له فقط ، بينما تظل قائمة ضد سائر المتهمين إ إلا أنه يرد على هذا الأصل إستثناء خاص بجريمة الزنا ، فالعدى الجنائية تنقضى بالنسبة لطرفى الجريمة رغم وفاة أحدهما .
(2) تأثير الوفاة على الدعوى المدنية ، نصت المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية على أن : " وإذا إنقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها ....."ووفقا لذلك أن المتهم إذا توفى أثناء سير الدعوى الجنائية وكانت الدعوى المدنية منظورة معها أمام المحكمة الجنائية ، فإن الدعوى الجنائية قبل المتهم تنقضى ولكن الدعوى المدنية تستمر ضد ورثته أمام هذه المحكمة حيث يخلفه ورثته فيها ، أما إذا توفى المتهم أن ترفع الدعوى ، لم تجز إقامة الدعوى المدنية إلا أمام القضاء المدنى.
(2) التقادم
السند القانونى للتقادم كسبب لإنقضاء الدعوى الجنائية هو نص المادة 15 إجراءات جنائية التى نصت على أن : تنقضى الدعوى الجنائية فى مواد الجنايات بمقتضى عشر سنين من يوم وقوع الجريمة ، وفى مواد الجنح بمضى ثلاث سنين ، وفى مواد المخالفات بمضى سنة ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
إستبعاد بعض الدعاوى من تأثير التقادم :
إذا كان الأصل العام هو أن جميع الدعاوى الجنائية تنقضى بمضى المدة ، إلا أن المشرع قد يستثنى جرائم معينة من تأثير التقادم لإعتبارات يرى رجحانها على العلة التى يستند إليها نظام التقادم ، ومن الجرائم التى إستبعدها المشرع من نظام التقادم ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية التى قررت أنه فى " الجرائم المنصوص عليها فى المواد 282،127،126،117،309 مكررا،309 مكررا (أ) من قانون العقوبات والتى تقع بعد تاريخ العمل بهذا القانون فلا تنقضى الدعوى الجنائية الناشئة عنها بمضى المدة " ، وكذلك يستثنى من نظام التقادم ما نصت عليه المادة 57 من الدستور بقولها " كل إعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية وال المدينة الناشئة عنها بالتقادم "
أحكام نقادم الدعوى الجنائية من النظام العام :
ولذلك لا يجوز التنازل عن الدفع بالتقادم ، ويجوز إثارته فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض وذلك بشرط ان تكون مدونات الحكم المطعون فيه شاهدة بصحة الدفع ، ويجوز للقضاء من تلقاء نفسه ان يقرر إنقضاء الدعوى بالتقادم .
طبيعة الحكم بالتقادم
بشان تحديد طبيعة الحكم الجنائى الصادر بتقادم الدعوى الجنائية تقرر أمرين :
الأول : أن الحكم بالتقادم يعتبر من الأحكام الصادرة فى موضوع الدعوى الجنائية ، وذلك لأن يستند إلى إنقضاء سلطة الدولة فى العقاب ، وهو أمر ينبنى على تطبيقات قاعدة من قواعد قانون العقوبات
والثانى : أن الحكم بالتقادم إنما هو فى حقيقته حكم بالبراءة
(3) الحكم البات
نصت المادتان 455،454 من قانون الإجراءات الجنائية على قوة الحكم البات كسبب لإنقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائى فيها بالبراءة أو بالإدانة ، وإذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة فى القانون ، هذا وقد نصت المادة 455 على أنه : لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائيا بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة ، أو بناء على تغيير الوصف القانونى للجريمة ، ويقتضى الإعتراف بقوة الحكم البات فى إنهاء الدعوى الجنائية إمتناع السير فى إجراءاتها إذا ما صدر حكم حائز هذه الحجة أو القوة ، ويعنى ذلك إفتراض صحة الحكم فى كل ما قرره فلا يجوز أن يوضع جزء منه موضع الشك ، ولا يقبل النعى عليه بأى عيب كان ويظل هكذا قائما حتى ولو ثبت - فى صورة قاطعة – خطأ الحكم فيما ذهب إليه ، فإفتراض صحة الحكم غير قابل لإثبات العكسى.
محل القوة أو الجزء الذى يجوز قوة الشيئ المقضى فى الحكم الجنائى :
إن محل قوة الأمر المقضى هو منطوق الحكم وليس أسبابه ، ويراد بمنطوق الحكم قرارة الفاصل فيما ثار من نزاع
الأحكام التى تجوز إنهاء الدعوى الجنائية :
لا يجوز قوة إنهاء الدعوى الجنائية سوى الأجكام الفاصلة فى الدعوى الجنائية ، وبشرط أن يكون الحكم الفاصل فى الموضوع حكما باتا
فمتى يكون الحكم فاصلا فى الموضوع ومتى يكون باتا ؟
نوضح ذلك فيما يلى :
(1) الحكم الفاصل فى الموضوع :
فى المجال الجنائى يكون الحكم الفاصل فى الموضوع هو الحكم الذى طبق القاضى فيه القواعد القانونية الموضوعية على اصل النزاع أى أنه طبق قواعد قانون العقوبات أو القوانين المكملة له على الفعل المسند إلى المتهم ليحدد تكييفه القانونى من ناحية ويفصل فى حق الدولة فى العقاب من ناحية أخرى فيقضى بالبراءة او بالإدانة ، وعلى ذلك فإن ما يميز الحكم الفاصل فى موضوع الدعوى الجنائية هو أنه حكم إما صادر بالبراءة أو بالإدانة فقط ، ومعنى ما تقدم ان الحكم الجنائى الذى يقرر منطوقه براءة المتهم أو إدانته يكون بالضرورة حكما فاصلا فى الموضوع ، أما الحكم غير الفاصل فى الموضوع فهو الحكم الذى يطبق قواعد قانونية إجرائية على مشكلة إثارتها إجراءات الدعوى الجنائية ، مثل قواعد الإختصاص والقبول وعلى ذلك يكون من قبيل الأحكام غير الفاصلة فى موضوع الدعوى الجنائية الأحكام التالية :
1-الأحكام الصادرة بعدم قبول الدعوى
2-الأحكام الصادرة بعدم الإختصاص
3-الأحكام التمهيدية أو التحضيرية أو الوقتية
4-الأحكام الصادرة فى الدفوع الفرعية
ويستحق الذكر أن الأصل غير الفاصل فى موضوع الدعوى لا يخرج الدعوى من حوزة القضاء الذى رفعت إليه ، بل إنه يعدها للفصل فى موضوعها ولكن بعض هذه الأحكام بخرج الدعوى من حوزة القضاء ومثل ذلك الحكم لعدم الإختصاص او عدم القبول
(2) الحكم البات :
الحكم البات هو الحكم الذى لا يقبل الطعن بطريق عادى أو غير عادى ، عدا طلب إعادة النظر بمعنى أنه لا يقبل الطعن بالمعارضة او الإستئناف أو النقض
شروط الدفع بقوة الحكم البات فى إنهاء الدعوى الجنائية ( أو شروط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ) يشترط توافر ثلاثة شروط هى :
(1) وحدة أطراف الدعوى
(2) وحدة الموضوع
(3) وحدة السبب
وفى تحديد شروط صحة الدفع بعدم جواز نظر الدعوى قضت محكمة النقض بأن )نص المادة 454 من قانون الإجراءات – على ما إستقرت عليه أحكام محكمة النقض – أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشيئ المحكوم فيه فى المسائل الجنائية بما يتعين معه الإمتناع من نظر الدعوى :-
أولا : أن يكون هناك حكم نهائى سبق صدوره فى محاكمة جنائية معينة ، وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمات التالية التى يراد التمسك فيها بهذا الدفع إتحادا فى الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين
ثانيا : أن يكون هناك الحكم صادرا فى موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو البراءة ورفض توقيعها – أما إذا صدر الحكم فى مسألة غير فاصلة فى الموضوع فإنه لا يجوز حجية السشئ المقضى ، ومن بين ذلك الأحكام التى تخرج الدعوى من حوزة المحكمة بغير أن تفصل فى النزاع كلاحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، ولما كانت الدعويان الحالية والمضمونة وإذا إتحدتا فى السبب والموضوع والأشخاص ، إلا أنه نظرا لأن الدعوى الأخيرة صدر الحكم فيها بعدم جوازنظرها لسابقة فيها بالحكم فيها بالحكم الإيتدائى الصادر فى الدعوى المنظورة ، مما لا يعتبر قضاء فى موضوع التهمة بالبراءة أو بالإدانة يجوز حجية الشيئ المحكوم فيه وتنقضى به الدعوى الجنائية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقصه والإحالة " ، ولقد حددت محكمة النقض متى يمكن القول بوحدة الموضوع فى الدعويين وكذا وحدة السبب ووحدة الأشخاص وقررت أن ".... ووحدة الموضوع تتوافر فى كل القضايا الجنائية لأن الموضوع فى كل قضية جنائية هو ( طلب عقاب المتهم أو المتهمين المقدمين للمحاكمة ) أما إتحاد السبب فيكفى فيه فيه أن يكون بين القضيتين إرتباط لا يقبل التجزئة برغم إختلاف الواقعة فى كل منهما ، كأن تكون القضية المنظورة فى دعوى إرتكاب تزوير مخالصة ، وتكون القضية الصادر فيها الحكم المقول بأنه حائز لقوة الشيئ المقضى فيه دعوى الشهادة زورا على صحة هذه المخالصة ويكون هذا الحكم المراد الإحتجاج به قد برأ الشاهد تأسيسا على إقتناع المحكمة بأن المخالصة صحيحة لا تزوير فيها ، مما يجعل القول بعد ذلك بتزوير المخالصة متناقضا مع حكم البراءة الإنتهائى السابق ، وأما وحدة الاشخاص فتكون موفورة فيما يتلق بالمتهمين متى ثبت أن أحدهم سواءأكان فاعلا أصليا أم شريكا كان مائلا فى القضية التى صدر فيها الحكم النهائى بالبراءة مثلا.