حميد فرج محمد
باحث اقتصادي
باحث اقتصادي
ان الايرادات الضريبية تمثل موردا اساسيا للخزينة العامة لكل دولة فهي(اي الضرائب) تعطي للسلطة العام او الحكومة الفرصة للقيام بدورها المطلوب في الحياة الاقتصادية والاجتماعية
وعلى هذا اصبحت الضريبة من اهم الموارد العامة في الدولة الحديثة لما تؤدي اليه من وضع جانب من نشاط الفرد في خدمة المجتمع بطريقة تتحرى العدالة دائما ومن دون ان تلحق ضررا قد يؤدي الى التأثير السلبي على الانتاج القومي.ولكي تؤتي الالتزامات الضريبية أُكلها وتصبح حقيقة تمكن الحكومة من القيام بمهامها والتعامل معها فلا بد ان تنجح الاجهزة الرسمية الحكومية في تأدية واجباتها في مجال الجباية والتحصيل ولكن يبرز التساؤل الآتي: هل بامكان الاجهزة الحكومية التي تضطلع بمهمة الجباية لوحدها من تحقيق المرجو من جراء تشريع الضريبة اي بعبارة اخرى هل يكفي الدور الحكومي في مجال تحصيل الضرائب وتجميع الايرادات عن هذه الطريقة؟ وللاجابة نقول يتعين على الافراد التعاون مع الاجهزة الحكومية المسؤولة عن مهمة جباية الضريبة ولا يعمدوا الى التحايل او التهرب بشتى الاساليب للافلات من اداء واجباتهم الضرائبية.ويعرف خبراء الميزانية بان التهرب الضريبي هو اية مساع او جهود او محاولات يقوم بها المكلف للتخلص من كل او جزء من التزاماته القانونية باداء الضريبة المستحقة عليه وهنا يجب ان نفرق بين مفهوم التهرب والتجنب اذ ان مفهوم التجنب يقصد به امتناع الفرد عن القيام باية تصرفات تؤدي به الى دفع الضريبة فهو مثلا يرفض استيراد اية سلعة اجنبية يتوجب من استيرادها دفع ضريبة كمركية وهذا التجنب امر لا يعارضه القانون اذ انه لا يتضمن مخالفة لاحكامه بل ان المشرع في بعض الحالات عندما ينبغي تحقيق هدف اقتصادي معين مثل حماية منتوج وطني معين يستخدم الادوات المالية عند ذاك فيرفع او يضع ضرائب كمركية عالية على البضاعة الاجنبية المشابهة للمنتج الوطني ليمنع استيرادها من قبل الافراد او التجار. وللتهرب عن دفع الالتزام الضريبي صور عدة وهي تختلف باختلاف الضريبة المراد التهرب منها وهدف المكلف بدفعها مثلا يقوم المكلف بانكار بلوغ دخله القدر الذي يؤدي الى خضوعه للضريبة.اي يقوم بتقدير المكلف للتكاليف الواجبة الخصم من الوعاء بصورة مبالغ فيها او يرفض تقديم البيانات الصحيحة التي يتم على اساسها تقدير الضريبة كما وتجدر الاشارة الى ان عمليات التهريب للسلع والبضائع المشمولة بقانون الكمارك تعتبر ايضا صورة من صور التهرب الضريبي غير المشروع كما ان اي تقييم لقيمة هذه البضاعة اثناء فرض الضريبة غير المباشرة الكمركية عليها تعتبر ايضا تهربا من دفع القيمة الصحيحة للضريبة وليس هذا فحسب فقد يقوم المكلف بقصد التهرب من دفع الضريبة بالادعاء بانه وهب الشي المباع لاي مشروع من دون ثمن بهدف عدم اخضاع هذا التصرف الى الضريبة المقررة عليه والان يبرز سؤلا اخر ما هي الاسباب التي تدفع بالفرد للسعي وراء التهرب من دفع الضريبة؟ وللاجابة عن هذا السؤال نقول ان اسباب ذلك يمكن ان تكون على نوعين احدهما اخلاقي والاخر اقتصادي ويقصد بالاسباب الاخلاقية هو المستوى الاخلاقي ودرجة الوعي الوطني والثقافي السائد في الدولة فكلما كان هذا المستوى مرتفعا لدى الافراد كلما كان هؤلاء الافراد يتمتعون بشعور عال بالمسؤولية وحب متنام للمصلحة العامة وسعي حثيث نحو اداء واجباتهم التي تحددها الانظمة والقوانين نحو الجماعة والتي تأتي في مقدمتها قبولهم باداء واجب اداء الضريبة باعتبار ان ذلك احدى طرق المحافظة على كيان الدولة والمساهمة في رقيها وتقدمها بل ومساعدتها في تقديم افضل الخدمات الى كل افراد المجتمع ولان الايرادات الضريبية تمثل جزءا لايستهان به في توفير الاموال للخزينة العامة يصبح من الضروري التفتيش على الوسائل التي تؤدي الى مكافحة حالات التهرب من دفع الاستحقاقات الضريبية فكلما زادت طرق الاحتيال على القوانين والانظمة الضريبية والقائمين على تنفيذها كلما ادى ذلك الى نقص قد يكون مؤثراً بصورة كبيرة على الحصيلة المالية للدولة وبالتالي الحد من قدرتها على اداء خدماتها بالصورة المطلوبة مما قد يدفع السلطات المالية للتفتيش عن طرق جديدة لغرض ضرائب اخرى او رفع اسعار الضرائب النافذة مما سيزيد من الاعباء العامة التي يتحملها المكلفون الذين يتصفون بروح المواطنة والشعور العالي بالمسؤولية وعليه لابد الان من التحدث عن اهم الوسائل التي يجب اعتمادها لمكافحة التهرب الضريبي:
1-زيادة الوعي الضريبي لدى المكلفين عن طريق تعريف افراد المجتمع بواجباتهم الضريبية بشتى الوسائل المسموعة والمرئية والمقروءة، وتنظيم الندوات المتخصصة لشرح بنود القوانين والانظمة والتعليمات النافذة في مجال الضريبة وكيفية احتسابها وتحصيلها الامر الذي سيؤدي الى غرس القيم الاجتماعية والاخلاقية الصالحة في نفوس المواطنين وتعريفهم باهمية الضريبة باعتبارها احدى الوسائل التي تعين الدولة على القيام بالمنجزات ومشاريع تعود بالخير على عموم المواطنين ولا بأس من التذكير ببعض المشروعات التي اقيمت بمساعدة الايرادات التي تحصلها الدولة من اداء الافراد واجباتهم الضريبية.2-اعادة النظر بالعقوبات في القوانين النافذة على المتهربين من الضرائب مع التاكيد على ان التهرب الضريبي يعني اعتداء على حقوق افراد المجتمع كافة ونؤكد هنا على العقوبات المالية الجزائية خاصة اذا كانت هذه المخالفة ترتكب لاول مرة ولا نرى مانعا من ان تكون العقوبة بدنية ايضا في حالة العود.
3-من الضروري التأكيد على مبدأ العدالة الضريبية مما يستدعي تحديد اسعار معتدلة للضرائب حتى لايتولد لدى المكلف بانه يقع تحت اعباء ضريبية تتجاوز طاقته المالية ولكي لايندفع بالتالي لممارسة اية حالة من حالات التهرب من دفع التزاماته الضريبية.
4-متابعة المشكلات التي يفرزها تطبيق التشريع والعمل على سد كل الثغرات التي تظهر اثناء التنفيذ فيمكن اللجوء الى جباية الضريبة من المصدر اي حجزها عند المنبع لان ذلك سيؤدي الى خصم الضريبة من الايراد قبل وصوله لصاحبه مع مرعاة احكام الرقابة على القرارات التي يتقدم بها الافراد لادارات الضرائب عن دخولهم وذلك للتحقق من صحة البيانات الواردة فيها وهنا تأتي ضرورة انشاء (بنك المعلومات) يتولى مهمة تجميع هذا البيانات ودراستها وتفريغ المعلومات التي تتضمنها ومقارنة بعضها بالبعض.
5-واخيرا فمن المهم تدعيم الادارات المكلفة بجباية الضرائب باعداد كافية من العاملين الكفوئين وتزويدها بما تحتاج من اجهزة ومعدات الية متطورة تتلاءم مع درجة المهمة الملقاة على عاتقها اذ ان مكافحة التهرب الضريبي تعني قبل كل شيء وجود اداة ضريبية عالية الكفاءة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق