(85) إساءة استعمال الحق في تطبيقات محكمة النقض:-
الأصل حسبما تقضى به المادة الرابعة من التقنين المدني أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع خطأ وأنه لا خطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا النص وأن خروج هذا الاستعمال عن دائرته الشرعية أنما هو استثناء من ذلك الأصل أوردت المادة الخامسة من ذلك التقنين حالاته وذلك دراء لاتخاذ ظاهر القواعد العامة ستارا غير أخلاقي لإلحاق الضرر بالغير، والبين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الأضرار سواء على نحو ايجابي بتعمد السعي إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر فادح من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالا هو غلى الترف مما سواه يكاد يبلغ قصد الأضرار العمدى ، ومن المقرر أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الصورة الأخيرة وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسرا أو عسرا إذا لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب...
(95) المسئولية
(57) تمهيد:-
قبل تناول هذه الأساليب بالعرض والتحليل نعتقد أنه تجدر الإشارة إلى مبادىء أحكام محكمة النقض التي أرستها فيما يتعلق بإساءة استعمال حق التقاضي حتى نعرف إلى أي مدى يتعين على القاضي أن يلتزم بالضوابط التي قررها القانون والتي أكدتها محكمتنا العليا وحتى يعرف صاحب الحق أن بامكانه أن يرفع ضد خصمه المتلاعب دعاوى التعويض استنادا حق الالتجاء إلى القضاء... ن إساءة استعمال حق الالتجاء إلى القضاء:-
حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له واستعمالها استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير، والاحقت المسألة بالتعويض، وسواء في هذا الخصوص أن يقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة لنفسه أو لم تقترن به تلك النية طالما أنه كان يستهدف بدعواه مضارة خصمه، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص توفر نية الأضرار وقصد الكيد لدى الطاعن بطلبه إشهار إفلاس المطعون عليه – فحسبه ذلك ليقوم قضاؤه في هذا الخصوص على أساس سليم..
وحكم بأنه متى كانت المحكمة قد استخلصت في حدود سلتطها الموضوعية من ظروف الدعوى وقرائن الحال فيها أن دعاوى الاسترداد التي رفعت من الغير وقضى فيها جميعا بالرفض كانت دعاوى كيدية أقيمت بإيعاز من الطاعن والتواطؤ معه إضرار بالمطعون عليه كما استدلت على كيدية الدعاوى التي رفعها الطاعن على المطعون عليه بمضيه في التقاضي رغم رفض جميع دعاواه السابقة وباستمرار في اغتصاب الأطيان موضوع النزاع رغم الأحكام المتعددة الصادرة عليه فانه يكون في غير محله النعي على حكمها بالقصور فدى بيان ركن الخطأ في مسئولية الطاعن...
* وحكم بأن حق الالتجاء إلى القضاء مقيد بوجود مصلحة جدية ومشروعة فإذا ما تبين أن المدعى كان مبطلا في دعواه ولم يقصد بها إلا مضارة خصمه والنكاية به فانه لا يكون قد باشر حقا مقررا في القانون بل يكون عملة خطأ يجيز الحكم عليه بالتعويض.
* وحكم بأن المقرر وفقا لنص المادة الخامسة من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن حق الالتجاء إلى القضاء – وشأنه حق الشكوى إلى الجهات العامة – وان كانا من الحقوق العامة التي تثبت للكافة إلا انه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما شرع له واستعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير والا حقت مساءلته عن تعويض الأضرار التي تلحق الغير بسبب إساءة استعماله هذا الحق.
* وحكم بأن المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وأن حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق المشروعة التي تثبت للكافة فلا يكون من استعمله مسئولا عما ينشأ عن استعماله من ضرر للغير إلا إذا انحرف بهذا الحق عما وضع له واستعمله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير، كما أن حق الدفاع في الدعوى حق مشروع للمدعى عليه ولا يكون مسئولا عما يترتب من ضرر إلا إذا أساء استعماله – بالتغالى فيه أو بالتحيل به – إضرار بخصمه، وتقدير التعسف والغلو في استعمال هذا الحق هو من اطلاقات محكمة الموضوع متروك لتقديرها تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية غلى النتيجة التي انتهى إليها.
(60) المسئولية عن إساءة استعمال حق الدفاع:-
نصت المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدني على أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وان استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوء الأضرار بالغير وهو ما لا يتحق إلا بانتقاء كل مصلحة من استعمال الحق، وحقا التقاضي والدفاع من حق الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا أو ذودا عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا اثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الأضرار بالخصم.
ووصف الأفعال بأنها خاطئة من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض أما تقدير قيام التعسف والغلو في استعمال الحق وثبوت الضرر الناتج عن هذا التعسف والذي يلحق طالب التعويض فيه هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت قد أبانت عناصره ووجه أحقية طالب التعويض فيه.
كما أن العبرة في تحديد نطاق الدفاع في الدعوى وما يعد تجاوزا له بموضوع الخصومة المطروحة وما يستلزمه اقتضاء الحقوق المدعى بها أو دفعها هو أمر يستقل بتقديره قاضى الموضوع بغير معقب من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(61) مرحلة الخصومة ومرحلة الدعوى:-
الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء للحصول على حماية قانونية للحق المدعى به أما الخصومة فهي وسيلة ذلك أي أنها مجموعة الأعمال الإجرائية التي يطرح بها الادعاء على القضاء ويتم بها تحقيقه والفصل فيه، والقانون المدني هو الذي ينظم قواعد سقوط وانقضاء الدعوى والحقوق بمضي المدة بينما ينظم قانون المرافعات قواعد سقوط الخصومة، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن انقضاء الخصومة لا يترتب عليه أي مساس بأصل الحق المرفوعة به الدعوى الذي يبقى خاضعا في انقضائه للقواعد المقررة في القانون المدني. ولما كان الأصل أن التقاعس عن موالاة الخصومة يرتب بذاته مصلحة قانونيه مشروعة لكل خصم حقيقي فيها للتخلص منها حتى لا يظل معلقا دون حدود بإجراءات تخلى أطرافها عن إكمال السير فيها خلال المدة القانونية فقد أجاز المشرع لأي منهم طلب الحكم بسقوطها أو انقضائها حسب الأحوال دون أن يكون في هذا الطلب شبهة تعسف في استعمال الحق لاستناده إلى مصلحة مشروعة وعدم مساسه بأصل الحق المرفوع به الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق